أعْوامٌ تَمْضي... فَمَنْ أكونُ أَنَا يا تُرى؟؟؟
ايّها القارئُ العزيزُ، أيّها الوفيُّ الكريم، مرحبا بك في هذا العام الجديد من سنة: 2014م، ومرحبا بك في ضِيافة كلماتي هاته.
أيّها الضيف اللَّبِيبُ(1) في أيِّ مكانٍ كنتَ، أعِدُك وَعدَ الصّدق؛ فإنّي لن آخذ من وقتك إلّا النّزر القليل فَـــ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ(2)،
ولَكِن فقط كُنْ معي _ حفظك الله _ بِقلبِك وروحك. خُذ نَفَسًا عميقًا، واقرإ الكلمةَ تِلوَ الكلمةِ والجُملةَ تِلْوَ الجُملةِ، بِرَويّة واتّزانٍ
وفهمٍ عميقٍ عميق، سدّد الله خطاك لِما يَرْضاهُ وتَرْضاه. مَنْ أَنَا؟
- سُؤالٌ مِن أربعة أحرف، صغيرٌ في مبناه، عظيمٌ في معناهُ ومغزاهُ!
- سُؤالٌ لو طُرِح على الرّواسي الشّامخاتِ الشاهقاتِ لَدُكَّت به دَكًّا دَكًّا، ومِن أجله جاء رَبُّك والـمَلَك صفًّا صفًّا!
- سؤالٌ طرحه الأنبياء والمرسلون، والفلاسِفة والمفكّرون، والعلماء والعظماء الخِرِّيتُون(3)!
- سؤالٌ سَيَطرحه _ على الأرجح _ عبر الأزمان العقلاءُ والمجرّبون!
- سؤالٌ لَو نعلمُ كُنْهَهُ(4)، لَصُعِقنا وغُشِيَ عَلَيْنا لِنَبئِه العظيم، ولا يعلم أحدُنا ذاك الغشيان إلاّ العظيم العظيم.
مَنْ أَنَا؟
- سؤالٌ مِنْ أجْلِه خُلِقت السّماوات والأرض بِما فيها ومَنْ فيها!
- سؤالٌ حقيقة جوابه _ والله أعلم _ جوهر الحياة وسِرّ الوجود؛ فقد خُلِق الــ (أَنَا أو الإنسان) للخُلود
وما أدراك ما الخلود(5)!
أَنَا عُمُري يجري بي سريعًا سريعًا... أَنَا قَبْري يسعى إليّ فظيعًا مُريعًا...
آهٍ يا ربّاه، ثَوانٍ تَنْقَضي! وَدقائِقٌ تَنْقَضي! وَساعاتٌ تَنْقَضي! وَأيّامٌ تَمْضي! وَشُهُورٌ تَمْضي! وَأعْوامٌ تَمْضي...
وأَنَا لا أعرِفُ كُنْهَ حَيَاتِي؟؟؟
- العُظماء في هذا الوقت بالذّات يُفكِّرون ويَعملون ويُخطِّطون، وسَيَتركون بصماتِهم بعد مماتهم، وأَنَا ماذا أعملُ الآن ؟؟؟
- الحُكَماء في هذا الوقت بالذّات قَدْ حدّدوا أَهْدافهم، ورسموا خُطَطَهم، وهُم يَسِيرون بخُطًى ثابتةٍ نحوها، وأَنَا ماذا فعلتُ؟؟؟
- العارفون بِحقيقة الحياة في هذا الوقت بالذّات قدْ بَرْمَجوا دقائقهم وساعاتهِم وَأيّامَهم وَشُهُورَهُم وسَنَواتهم، وأَنَا أيْن منهم؟؟؟
- العقلاءُ النّابهون قد قَيَّمُوا سنة: 2013م فاسْتخلَصوا منها العِبَر، واستخرجوا منها الإِيجابيات وخَطّطوا لِتثْمينِها،
كمَا وَضَعوا أَيْديهم على السّلْبِيَات فَخَطّطوا لِتَلافيها، وبدؤوا في العمل، وأَنَا ماذا فعلْتُ؟
- الحَرِيصون على حياتِهم قد عَرفوا كَمْ مَضَى مِنْ عُمُرِهِم الآن، وَأَعَدُّوا لِلْمستقبل عُدَّتَه، وأَنَا ماذا فعلْتُ؟
أَخي العزيز، أُختي العزيزة، لَـمْ يَفُت الوقتُ بَعدُ فإِنَّ في العمرِ بقيّةٌ، فاسْرعا لاسْتِدراكِ بعضِ ما فَاتَ قَبْل أنْ يحِين الأَجَل،
فاللّهم بارِكْ لهما فيهِ، آمين آمين وألف ألْفِ آمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اللّبِيب: العاقل، جمع: أَلِبّاءٌ.
(2) سورة الأنعام /19.
(3) الخِرِّيتُ: الدّليلُ الحاذِقُ.
(4) الكُنْهُ: جوهرُ الشيء، وَغايتُه، وقَدْرُه، وَوَقتُه، وَوَجهُه.
(5) خلق الله الإنسان في هذه الحياة الدنيا لِحِينٍ فقط، ولكِنَّهُ سَيَعيش خالدا مُخَلَّدًا في الآخرة.