الطعام الذي أعاد إليها ولدها

هذه القصة أعطتني إياها زميلتي في المؤسسة و طلبت مني إرسالها إلى المنتدى لعلنا نعتبر منها فلها  عن كل حرف ألف حسنة :
يحكى أن امرأة كانت تصنع الخبز لأسرتها كل يوم ، و كانت يوميا تصنع رغيفا إضافيا لأي عابر سبيل جائع ،و تضع الرغيف الإضافي على شرفة النافذة ليأخذها أي فقير يمر من هناك ، و كان يأتي كل يوم رجل فقير أحدب يأخذ الرغيف و بدل أن يظهر امتنانه لأهل البيت كان يدمدم بهذه العبارات : الشر الذي تقدمه يبقى معك و الخير الذي تقدمه يعود إليك .
كل يوم كان الأحدب يمر فيه يأخذ الرغيف و يدمدم بنفس الكلمات ، بدأت المرأة تشعر بالضيق لعدم إظهار الرجل العرفان بالجميل و المعروف الذي تصنعه ، و أخذت تحدث نفسها قائلة :كل يوم يمر هذا الأحدب و يردد جملته الغامضة و ينصرف ، ترى ماذا يقصد ؟
في يوم ما أضمرت في نفسها أمرا و قررت التخلص من هذا الأحدب فقامت بوضع بعض السم إلى رغيف الخبز الذي صنعته له ، و كانت على وشك وضعه على النافذة كعادتها ، لكن بدأت يداها ترتجفان و قالت في نفسها ما هذا الذي أفعله ؟و ألقت بالرغيف ليحترق في النار ثم قامت بصنع رغيف خبز آخر و وضعته على النافذة.
و كما هي العادة جاء الأحدب و أخذ الرغيف و هو يدمدم : الشر الذي تقدمه يبقى معك و الخير الذي تقدمه يعود إليك .
و انصرف إلى سبيله و هو غير مدرك للصراع الذي يدور داخل المرأة .
كل يوم كانت المرأة تصنع فيه الخبز كانت تدعو لولدها الذي غاب عنها طويلا و لسنوات عديدة لم تصلها أي أنباء عنه و كانت دائمة الدعاء بعودتها لها سالما ، في ذلك اليوم الذي تخلصت فيه من رغيف الخبز المسموم ،دق باب البيت مساء و حينما فتحته وجدت ابنها واقفا بالباب !! كان شاحبا متعبا و ملابسه شبه ممزقة ، و كان جائعا و مرهقا و بمجرد رؤيته لأمه قال : إنها لمعجزة وجودي هنا ، على مسافة أميال من هنا كنت مجهدا و متعبا و أشعر بالإعياء لدرجة الانهيار في الطريق ، و كدت أن أموت لو لا مرور رجل أحدب بي رجوته أن يعطيني أي الطعام معه و كان الرجل طيبا بالقدر الذي أعطاني فيه رغيف خبز كامل ، و أثناء إعطائه لي قال لي:هذا هو طعامه كل يوم و اليوم سيعطيه لي لأن حاجتي أكبر بكثير من حاجته له ، بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام شحبت و ظهر الرعب على وجهها و اتكأت على الباب و تذكرت الرغيف المسموم الذي صنعته اليوم صباحا !!و لو لم تقم بالتخلص منه لكان ولدها هو الذي أكله و لكان قد فقد حياته .
لحظتها أدركت معنى كلام الأحدب : ((الشر الذي تقدمه يبقى معك و الخير الذي تقدمه يعود إليك ))

المغزى من القصة:
عند فعل الخير لا تنتظر اعتراف الشخص المقابل به فأنت فعلياً تقوم به لنفسك لا من أجله فقط ، وعندما تكون بوضع يجعلك متضايقاً من ردة فعل أحدهم على عمل خير تقوم به فلا تلجأ لفعل الشر لكن توقف عن عمل الخير.

قال تعالى: ( " وما أنفقتم من شيء فإن الله يخلفه  " " وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون "

( وما تفعلوا من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً )
قصة رائعة و جميل ان نقف عندها جزاك الله خيرا.