تمتمة عجوز...

في لحظة سكون داخل القسم سمعت أنينا جهة المكتب ...تقدّمت فاذا بها عصا شاخت و هرمت تئن و تتمتم ...
اقتربت أكثر لأسمع ما تقول ...
انها تنعي الأيّام الخوالي لمّا كان طرفها الأول بيد المعلّم ، و الثّاني على رأس آخر تلميذ في الجلسة ...
كنت في ريعان شبابي أعمل دون كلل أو ملل ، الكلّ يهابني .
ما من حرف حُفظ أو كتب الّا ولي الفضل في ذلك ؛ يكفي على الطّالب أن يخطئ و في لمح البصر أقع على رأسه وقعا يرسّخ الصحيح الذي ضيّعه .فهل مات ؟ هل تحطّم نفسيّا ؟
لا ، بل هاهو رجل بانٍ يهابه الرجال لعلمه ، أو لمنصبه .
ما ان تقدّم بي الزمن حتّى قصر طولي ...هزل جسمي ...و خارت قوّتي ...
بعدما كنت السّاعد الأيمن للمعلّم ، جعلوني سيف الحجّاج الذي يقع على رقبته اذا ما استعان بي .
ما تخيّلت نفسي يوما أركن على سطح المكتب أرى مهازل الطلّاب ، و اخفاقاتهم دون ان أحرّك ساكنا .
ما توقّعت يُجار عليّ بعدما كنت أجير المعلّم من اهمال متعلّميه .
بئس الوقت هو ...بئس الوقت هو ...بئس الوقت هو ...
آه ...آه ، ليت شبابي يعود يوما فأخبره بما فعلوه بي في مشيبي .
آه...آه...آه .

عافانا الله من هذه التمتمة أيام كبرنا إذا بقينا من الأحياء ، فعلا هي تمتمة مخيفة.

صار حالنا حال الخشبة التي قالت للمسمار لقد كسرتني فقال لها المسمار : لو عرفتي الطرق الذي فوق رأسي لعذرتني

» حكمة رجل عجوز